October 14, 2022

ارتفعت مؤخرا، وبشكل مرعب، نسبة تعاطي المخدرات في لبنان، ومعها نسبة الجرائم، في ظلّ تدهور أوضاع اللبنانيين المعيشية وارتفاع معدّلات الفقر والبطالة في البلد. صحيح أنه ليست لدينا أرقام دقيقة حول عدد المدمنين، إلا أنّ الواقع الطبي السّريري يؤكد ارتفاع الأعداد بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. طبعا المشكلة لا تقتصر على الادمان، فقبل أن تصل الى المتعاطي، نبتة المخدرات على أشكالها تمر بمراحل عدة: من الزراعة والإنتاج، الى الصناعة، والنقل، وبعدها التجارة والترويج وصولا الى الاستهلاك والتعاطي، وبالتالي هذه الجريمة أبطالها والشركاء فيها كثر! لا يمر نهار في لبنان من دون أن نسمع أخبارا عن توقيف تاجر مخدرات أو ضبط محاولة تهريب للمادة إلى البلد أو منه، أو القبض على أشخاص ارتكبوا جرائم سرقة، ليتبيّن بعدها أنهم مدمنون! وبحسب الدولية للمعلومات، جزء لا يستهان فيه من جرائم السرقة التي تنجح القوى الامنية بالكشف عنها، فيها شباب بين ٢٢ و٣٥ سنة مدمنون عَلى المخدرات!! لا شك أنّ المخدرات هي من أخطر المشاكل التي تهدِّد الأمن الاجتماعي والسّلم الأهلي، خصوصًا عندما تطال فئة الشّباب، الذين يفترض أن يكونوا مستقبل هذا البلد، لأنّها تدمّر حياتهم والمجتمع حولهم، في وقت يكونون هم ضحايا هاربين من واقعهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة... يلجأون الى المخدرات في محاولة لنسيان حقيقة وجودهم.. وينغمسون أكثر وأكثر ويصبحون غير قادرين، ولا حتى قابلين، أن يخرجوا من هذا العالم، خصوصا في مجتمع ينظر الى المدمن بالطريقة نفسها التي ينظر فيها الى المجرم، وهنا تصبح الوصمة الاجتماعية عليه أقسى من الموادّ السامّة المخدّرة التي تفتك بجسمه. ولكن، هذا لا يعني ان كل من أدمن علق للأبد.. لأن هناك البعض الذي وصل الى مرحلة قرر فيها أن يخرج من الواقع الذي هو فيه، وناضل ليعود الى الحياة الطبيعية... وعاش صراعا يوميا وتخبّط كثيرا قبل أن يصل الى برّ الأمان... أكيد اذا قرر وتمكن من أن ينجح بهذا الامتحان ويتخطّى كل ماضيه ويطمح لمستقبل واعد... مسبّبات الإدمان على المخدرات عديدة، والسؤال الأساسي الذي يطرح نفسه: هل هو جريمة وعار أم مرض يحتاج الى علاج دقيق ومتابعة؟ وهل من إمكانية أن يتعافى المدمن بشكل نهائي ويتابع حياته مثله مثل أي انسان؟