ضروري نحكي مع الباحث في الشؤون الاقتصادية زياد ناصر الدين والصحافية سكارليت حداد
ومداخلة عبر زوم لكل من المسؤولة الإعلامية في لجنة المهرجانات في البترون يارا حرب ومديرة التسويق لشركة Mzarskiresort نيكول واكيم فريحة وأمين سر نقابة شركات تأجير السيارات جان كلود غصن
في الطريقِ القصيرِ الطويل بين الساحلِ الجميل والجبلِ الذي يمتعك بمناظرِه الخلابة كنتُ أفكرُ بأمرٍ واحد..
وأنا ألعبُ مع حفيدي بالبالونات كنتُ أفكرُ أيضاً بهذا الأمر الواحد..
ثم وأنا أبحثُ مع الشاباتِ من فريقِ العمل في سبلِ مواصلةِ عملِنا الاجتماعي الإنساني شردتُ عنهنَّ وعُدتً إلى ذلك الأمرِ الواحد..
وحين أتيتُ لأكتبَ مقدمتي لم أجد مفراً من مصارحتِكم بهذا الأمر الواحد:
كيف يمكن أن نغلبَ موتَ وطنِنا؟
حين أمسكَ حفيدي البالون كان كمَن يلتقطُ حُلماً؛ فرحةٌ ما بعدها فرحة، ثم بُعيد دقائق فلتَ الخيطُ من يدِه ورآه يبتعدُ صوبَ السماءِ فكانت فرحتُه به وهو يبتعدُ كبيرة أيضاً. هكذا هم الأطفال؛ أما نحن فقد أنهكَتنا التجاربُ؛ نحن من جعلوا من حياتِنا حقلَ تجاربٍ لكلِ شيء: كيف يمكنُنا، من دون مياهٍ ودواءٍ ومحروقاتٍ ومالٍ وكهرباء وفرصِ عمل وهامش مناورة، أن نكونَ رسلَ أمل؟
كيف يمكن لجيلِنا؛ جيلُ المهجرين؛ الذي رأى كلَ شيء، الجيلُ الذي سارَ دربَ الجلجلةِ وقُبِرَ ولم يقم في اليوم الثالث؛ كيف يمكن لجيلنا أن يواصلَ التبشيرَ بقيامةِ الوطن؟ كيف يمكن لجيلِنا الذي رأى أمراءَ الحربِ يغيرون مع ميليشياتِهم ثيابَهم من دون تغييرِ نفسياتِهم وأدائهم أن يتمسكَ بالأمل؟ من أين لنا أن نرفعَ كؤوسنا ونهتف بثقةِ المؤمن إننا نرقدُ على رجاءِ القيامة؟
ماذا أقولُ لذلك الأبِ الذي يوقفُني عند مدخلِ الدُكان وهو محملٌ بكلِ أنواعِ الخيبة من الأسعارِ ليسألني ما إذا كان ثمةَ أمل؟
ماذا أقول لتلك الأمِ التي زارت تسعة عشر صيدليةً بحثاً عن دواءٍ لابنِها ثم صادفتني في الصيدلية العشرين لتسألني ما إذا كان ثمةَ أمل؟
كل ما يريدُه اللبنانيّ ليتمكنَ من التحملِ أكثر هو مؤشرٌ عمليّ واحد يقنعُه بوجودِ أمل؛ بأن الغدَ يمكن أن يكونَ أفضل من اليوم أو الأمس.
في الطريقِ الجميلِ ومع الحفيد الأجمل، ثم مع صبايا "فوق سطوح بيروت" ثم وأنا اكتب، كنتُ أتقدمُ في التفكير: الأملُ مرتبطٌ بالقيامة، لكن هل يمكن لهذه الرقعةِ الجغرافية الواقعة على فوهةِ البركان أن تقومَ فعلاً بيوم من الأيام؟
في التاريخِ والجغرافيا والأبحاثِ والمطولاتِ السياسيةِ والإيمان الحزبيّ والعقائد هناك الكثير من الأمل؛ أملٌ على الورق. لكن عملياً لا شيء من هذا كلِه يفيد، فالقيامةُ كما الأمل لا يمكن أن يرتبطا بأي شيء أو أحدٍ غير المواطنِ نفسِه؛ ذلك الذي يُذَلُ ليملأ خزانَه بالوقود، تلك التي تُذل لتؤمن الدواءَ أو الحليبَ لأولادِها، أولئك الذين صودرَ جنى أعمارِهم، ومعهم كل من يدفعُ هو ثمن أخطاء غيره؛ أولئك هم الرهانُ الوحيد للأمل والقيامة. ردةُ فعلِهم تقرر المستقبل سواء كان بالاستسلامِ للانهيار أو الانتصارِ عليه.
لسائقِ التاكسي الذي لم أجبه في الطريقِ من الساحلِ إلى الجبل؛ للحفيدِ الذي يربكُني بابتسامته وكل الأحلام، للأمِ، للأبِ، للشباب الذين يواصلون إرسالَ سيرِهم الذاتية بكل الاتجاهات، للناشطات في "فوق سطوح بيروت" بحثاً عن مبادراتٍ اجتماعية ولكل من يواصلون القيامَ بأعمالِهم ومحاولة العيش في هذا البلد "المكركب"؛ لا تسألوا إذا ما كان ثمةَ أمل أو إذا ما كان هذا البلد سيقوم؛ لأن ما تفعلونَه يومياً هو الأمل بذاته؛ أنتم تصنعونه من لحمٍ حي وعرقٍ وتعب...
وأنا حين يضيعُ مني الأملُ أو يجتاحني التعبُ أفتحُ النافذةَ لأراكم؛ فمن يواصلُ الحياةَ وسطَ هذا كلِه لا بد أن ينتصر. نعم أنا أستمدُ الأملَ من كلِّ شخصٍ منكم، من كل من يواصل الحياةَ بعنادٍ وإصرار رغم كل ما نعيشه.
العملُ الذي نحلمُ به، نحن من يصنعه. المنزلُ الذي نحلم به، نحن من يبنيه. الوطنُ الذي نحلم به، نحن من سنصل بأنفسنا إليه. لن يساعدَنا أو يساندنا أحدٌ؛ إنها مسؤوليةُ كلِ مواطن، أن لا يستسلمَ وأن لا يفقدَ الأملَ وأن لا يبحثَ عن مكانِ إقامة آخر.
في حلقتنا الليلة في ضروري نحكي نتوقف عند أعدادِ الوافدين الكبيرة جداً الذين لا يفيدون زعيماً أو مسؤولاً أو رئيساً إنما يفيدون دكنجي الضيعة ولحامَها وبائعَ الخضر والمزارعَ وطبيبَ الأسنان وصاحبَ المطعم و"الوايتر" وشركةَ تأجير السيارات وغيرَهم الكثير من أصحابِ المصالح الصغيرة والمتوسطة؛ يفيدون الأهلَ لا الزعيم وهو ما يستصعب ربما فهمَه أو تفهمَه مَن يريدون التضحيةَ بكل شيء وتدميرَ كل شيء في سبيل تصفيةِ الحسابات السياسية، وهو ما يُلحقُ ظلمًا كبيرًا بالناس، كل الناس من دون استثناء.
نستضيف الليلة الصحافية سكارليت حداد والخبير الاقتصادي زياد نصر الدين لنناقش الأزمة الحكومية، ووقع عودة المغتربين والسياح في الموسم الصيفي الحالي وكيف يشكلون انقاذ لنا في ظلّ اشتداد الازمة الاقتصادية وسيتخلّل الحلقة مداخلات مع رئيس لجنة مهراجانات البترون المحامي سايد فياض ,أمين سر نقابة شركات تأجير السيارات جان كلود غصن ومنظمة مهرجان فاريا مزار نيكول واكيم.